أهم قضية تثيرها هذه الرواية الممتازة هي وظيفة الفن ودوره التنويري، خاصة حين يمتزج بالمتعة ويبتعد عن الزعيق والمباشرة.
لقد قدم لنا الكاتب، وهو في عمر الثلاثين، وجبة فنية دسمة، رواها لنا مثقف في عمر الأربعين، ولولا تأكدي من قراءة التعريف بالكاتب (ص199)، ومراجعتي لعمر البطل الراوي من داخل العمل (ص 19)، لقلت إن الراوي هو الثلاثيني، والكاتب هو الأربعيني، فوعي الكاتب سابق لعمره بمرحلة طويلة، وأعتقد أن هذا راجع إلى سببين أساسيين: الأول، هو الموهبة العالية الممنوحة له من خالقه، والثاني، هو ثقافته الواضحة من مضمون النص وشكله الفني وأسلوب صياغته، والتي تؤكد أنه أدرك أهمية أن يصون موهبته وينميها ويصقلها ويحافظ عليها، فبذل لأجلها ما لزم من جهد أسفر عن هذا العمل الفني المدهش الذي يجب أن يحتفي به احتفاء حقيقيا يليق بقيمته الأدبية.
هذه رواية ذات دلالات سياسية اجتماعية ثقافية شديدة الأهمية، تتسم بالتزاوج الموفق بين التراث والمعاصرة، تتعرض لقضية ليست بجديدة، وهي قضية نضال الإنسان المقهور، لمقاومة استبداد الحكام وتسلطهم من أجل انتزاع الحرية المـسلوبة، خاصة في البلاد المتخلفة والمحكومة بعسكر يرون في أنفسهم آلهة (مخلدة) لا يمكن أن تموت، بينما يرون في أفراد الشعب مخلوقات (فانية) تعد في نظرهم قطيعا من العبيد.
ومن الطبيعي أن يتشبث مثل هؤلاء الحكام بمقاعد السلطة طيلة حياتهم، دون أي اعتبار لأحقية الشعب في التغيير والتطور وبث الدماء الجديدة في كيان الوطن بمؤسساته وأفراده. وللتعميم الإنساني في الزمان والمكان، فقد تعمد الكاتب ألا يذكر اسم الراوي من بداية الرواية وحتى نهايتها، وتلك حيلة فنية ذكية، لكنها لن تغيب على فطنة القارىء.
كل ما قيل في هذه الرواية ليس بجديد، من حيث أننا نعرفه من سير الأحداث اليومية في وطننا، ومن قراءتنا للجرائد القومية والمعارضة، ولكن حين تعرض علينا هذه الحقائق من خلال عمل فني، فلا مهرب من أن يرتبط التنوير بالإمتاع، حتى يؤتى العمل أكله المرجو، وهذا ما نجح فيه أحمد الملواني بأن صاغ المضمون فى شكل جميل، رغم أن هذا الشكل هو الآخر ليس جديدا، وهو الحكي على مستويين متوازيين: الأول واقعي، والثاني أسطوري، فالعبرة هنا بكيف تكتب وليس فقط بما تكتب.
يتناول المستوى الأول مأساة المثقف المصري من خلال موقف الراوي وصديقيه محمد عطوه، المعارض الأخواني الذي يعتقله الأمن من حين إلى آخر ليفرج عنه ثم يعتقل من جديد، وعبدالرحمن مكاوي المعارض الليبرالي والمهندس الميكانيكي بإحدى شركات الأدوية، وأستاذهما الثوري الوطني الملتهب حماسا وجرأة: الدكتور يوسف قطيط. ويكشف هذا المستوى الواقعي عن تخاذل بعض المثقفين وتقاعسهم عن أداء دورهم الجوهري في المجتمع الذي ينتمون إليه، انحيازا إلى منافعهم ومصالحهم الخاصة، والتي كان يمكنهم الحصول عليها بشرف وكرامة لو تمسكوا بشرفهم وكرامتهم وتخلوا عن سلبيتهم الإجرامية.
أما المستوى الثاني فهو مستوى الفعل الإيجابي المقاوم المدفوع بإرادة فولاذية ورغبة جارفة في انتزاع الحق والخير والحرية للإنسان، وقد اختار الكاتب أن يكون بطل هذا المستوى هو كرونوس الإغريقى، ليمتعنا بمجموعة منتقاة من الأساطير الإغريقية التي يتم من خلالها ذلك الفعل. وبالطبع لا يحق لنا القول – هنا – بأن التراث العربي يحتوى على نماذج كرونوسية بشكل أو بآخر، كان يمكن استبدالها بالتراث الإغريقى، فدور المتلقى هو القراءة والنقد والاستمتاع، وليس التأليف الذي هو من شأن الكاتب وحده دون تدخل من أحد.
والمثير في الأمر أن البطل في هذا المستوى الأسطوري لم يكن بطلا ثوريا خالصا، وإنما كان بطلا دبلوماسيا براجماتيا، إلى جانب تمتعه بالإرادة الثورية الكامنة في ضميره وقلبه، وفي كل خلية من خلايا جسده، فلا مانع من الميكيافيلية السافرة في خطواته المتعاقبة للانتصار على الآلهة، ولا مانع من الخداع التكتيكي لهم أو الإيقاع بينهم، مستغلا صراعاتهم القاتلة على السلطة ومكاسبها، وخيانة بعضهم البعض وقتل بعضهم البعض، حتى يصل إلى مبتغاه الأخير وهو"الحصول على وعاء الخيرات".
وكما تنقل بنا الملواني برشاقة فنية جميلة بين المستويين، فإني سأتنقل أنا الآخر بينهما، ولكن بحرية أكثر، هي حرية القارىء المتأمل غير المحكوم بإنشاء بناء فني ذي مواصفات خاصة.
فعلى المستوى الواقعي، وعن تخاذل بعض المثقفين واستسلامهم للقهر والتسلط، كان قد سبق لي – في رواية "الشىء الآخر" – أن قسمت المثقفين العرب على لسان أحدهم إلى ثمانية أصناف:
1- المثقف الحاذق الذي يتعيش على رضا الناس والسلطة معا.
2- المثقف الناقد المنخرط في مشروع جمعي.
3- النرجسي الذي يدعي في كل وقت أنه قال ذلك.
4- الخبير الذي يقتصر دوره على تقديم المشورة أو الرأي في حدود ما يطلب منه.
5- المدرس الذي يروي دائما عن غيره.
6- الإشكالي الذي يبحث عن تجاوز يعرف مسبقا أنه لن يطلبه.
7- الأرزقي الذي يكرس همه في الإفادة من الامتيازات الداعمة لمصلحته.
8- العولمي المرتبط بالكومبرادور والشركات الكونية عابرة القارات.
ومن الواضح في اعتقادي أن بطلنا ينتمى إلى الفئة السابعة بوجه عام، وإن حاول أحيانا الانتماء إلى الفئة الأولى، لكنه لم يكن يوما المثقف الوطني الصادق المخلص بأي حال.
ما أتعس أن يعيش إنسان عمره – مثقفا كان أو غير مثقف – وهو يكره حاكم مدينته أو بلده، وفي الوقت ذاته يعدم الأمل تماما في تغييره أو التخلص منه بأية وسيلة غير الموت. إن البطل تؤرقه صورة المسئول الكبير المثبتة على حائط الشارع المواجه مباشرة لبيته بحيث تفرض عليه رؤيته بصفة يومية لعدة مرات رغم كراهيته الشديدة له. إنه زيوس ولا شك في ذلك على مستوى الرمز الأسطوري بما يوحي به الإسقاط من غموض فني شفاف.
"ينظر مباشرة إلى عمق عيني فأشيح بوجهي. اللعنة على هذه الللافتة والصورة السخيفة التي تتصدرها. مامعنى هذه النظرة الغريبة؟ وذلك التعبير المضحك المرسوم على صفحة الوجه؟ بل ما معنى الاحتفاظ بهذه اللافتة الدعائية لانتخابات انقضت منذ أربع سنوات؟". "دائما ينظر باتجاهي مهما غيرت من وضعيتي. وجهه مرسوم بدقة التكنولوجيا الرقمية لأحدث برامج تعديل الصور، ليصير أصغر عمرا وأجمل محيا".
كرونوس عبد فقير بائس ذليل منحوس يعاني الحرمان من الإنسانية. يُقبض عليه ويُقاد إلى الاله الذى يقيد عنقه بطوق وقدميه بسلسلة وينعم عليه بأن يعمل خادما في حاشيته. والراوي ابن كمساري الأوتوبيس الذي رباه والده على الخنوع، بالمشي بجوار الحائط والاستكانة للأسياد لدرجة التظاهر دفاعا عن توجهاتهم حتى لو كانت تلك التوجهات تنادي بالدكتاتورية.
هذا الراوي يغبط صديقيه عطوه ومكاوي على تحمسهما لقضايا الوطن، بينما كل ما يهمه من مكاسب حصل عليها خلال أربعين عاما من عمره هى الجائزة الخليجية عن الرواية التي كتبها.
ويبدو أن اليأس قد أصاب مقاومة عبدالرحمن مكاوي لفترة اعتنق فيها مذهب اللامبالاة، الأمرالذي لم يزعج الراوي في شيء، بل على العكس قد يكون ما حدث على هواه، حتى يصبح الكل في الهم شرق. لكن الدكتور قطيط الذي منعه جهاز الأمن في الجامعة من السفر إلى الخارج لكونه عضوا في جماعة 9 مارس المطالبة باستقلال الجامعة وحرية ممارسة السياسة للطلبة، والذي أصيب بجلطة في المخ، لا يصدق أن يتخلى تلميذه عبدالرحمن عن مقاومته المقدسة للظلم والاستبداد، قائلا إنه يخدع نفسه وقتيا ولكنه سيعود حتما إلى نبله القديم.
وبعد إذلال كرونوس وسحقه والعبث برجولته في بلاط الاله المستبد، فإنه يعرف نفسه بأنه "آدمى سابق". ولكنه يختلف عن الراوي اختلافا جذريا في اعتزازه بأن نقطة السخط بداخله ما زالت تضىء، وأنه مصر على تحدي أربابه ليغير قدره التعيس، فالراوي لاه في فرحته باستضافته في قناة تلفزيونية حكومية يجهل فيها المذيع اسمه ويجهل فيها المعد مضمون روايته.
حين يخرج محمد عطوه من المعتقل ويعلم بمرض أستاذه فإنه يرفض زيارته بالمستشفى مع الراوي حرصا عليه، حتى لا يوضع الأستاذ بسببه في القائمة الأكثر سوادا عند زبانية الأمن. ويشرح الراوي له وجهة نظر زميلهم الثالث عبدالرحمن مكاوي في أصناف الناس إذ يقسمهم إلى أقسام ثلاثة:
1- الحمقى، وعلى رأسهم الأستاذ قطيط الذي لا يفكر في عواقب معارضته الثورية.
2- الوصوليون على شاكلة عطوة المنضم للإخوان بحثا عن السلطة والثروة.
3- السعداء ومنهم عبدالرحمن نفسه صاحب الفتوى، وذلك من بعد اعتناقه فلسفة اللامبالاة.
إذن فإلى أية فئة ينتمى بطلنا؟ إنه شخصيا لا يعرف. هو فقط يكتب رواية عن كرونوس رغم أنه في قرارة نفسه يعتقد تماما أنه "ليس من السهل أن تقتل إلها".
وفي حوار بين عبدالرحمن والراوي أمام اللافتة المزعجة المثبتة أمام بيته، يقول عبدالرحمن عن صورة زيوس الذي لا يموت:
- هى مجرد لافتة مفرغة. الصورة جميلة، ولكن برأيك كم يبلغ حجم الفراغ خلفها؟ هل يظنون أن صورة جميلة بإمكانها أن تداري خرائب أعوام من الهدم؟!
ويندهش الراوي لهذا الموقف البعيد تماما عن اللامبالاة، فيصرح له مكاوي بأنه أفاق لنفسه بعد أن بيعت شركته ضمن برنامج الخصخصة إلى مستثمر أجنبي تسهم معه شركة إسرائيلية، ليصبح سعر دواء الشعب في يد عدوه الأول. وهنا يقدم عبدالرحمن استقالته من الشركة في موقف إيجابي حقيقي يؤكد على صحة نبوءة الدكتور قطيط حول عبدالرحمن.
ويقبض على عطوة من جديد بمجموعة من التهم الخطيرة كغسيل الأموال ومحاولة قلب نظام الحكم والاستيلاء على السلطة بالقوة والعبث بأمن البلاد، وبينما يتجرأ الدكتور قطيط المريض على زيارة عطوة في معتقله وينظم مظاهرة احتجاجية بنقابة المهندسين تضامنا مع عطوه الذي تم التحفظ على ممتلكاته وأرصدته البنكية، بحجة أنها مكونة من التبرعات الخارجية للإخوان لإنشاء شركات كبرى تنفق من أرباحها على أنشطتها المعادية للنظام، فإن الراوي الغارق في رماديته السلبية ينشغل بكتابة قصة جديدة مستوحاة من الموقف وعنوانها "حالة مستعصية".
ومن المصادفات الظريفة أن هناك رواية طويلة تحمل نفس العنوان صدرت لي عن روايات الهلال في أغسطس/آب من عام 2002، وهذا يؤكد بالطبع أن أحمد الملواني لم يقرأها، ولهذا فقد قررت إهدائها إليه حين نلتقى تعبيرا عن احترامي الفائق لمستواه الفني الرفيع قياسا إلى سنه.
ويواصل كرونوس السير في طريق التحدى الصعب بأرضه الصخرية المدببة نتوءاتها كالشفرات، فيطعن للاله هيفيستسوس في الاله آرس الذي أهله ودعمه ليكون في هذا الموقف القوي، طعنا قاسيا متعلقا بشرف زوجة هيفستسوس، فينجح في خداعه نجاحا قاطعا، يحصل بموجبه على القوة الخارقة والسلاح البتار.
وحين نبحث عن المرأة في هذا العمل الروائي، نلاحظ أنها تكاد تكون منعدمة الوجود تماما، فيما عدا بضعة سطور قليلة ترد فيها زوجة الراوي كشخصية شديدة الضحالة، لا تهتم إلا بأن يكسب زوجها المال لتنتقل إلى شقة أوسع، وتخاف عليه خوفا هستيريا من المشاركة الإيجابية في أي نشاط معارض أو وقفة احتجاجية سلمية أمام المحكمة تضامنا مع المعتقلين من أصحاب الرأي.
إن غياب المرأة غيابا تاما في هذه الرواية يعد نقطة ضعف بارزة فيها، فقد يفهم من هذا الغياب انعدام دورها تماما في الحياة – وهذا غير صحيح بالطبع لمخالفته للواقع – أو قد يفهم منه تجاهل الكاتب لهذا الدور لأسباب تعود إلى خطأ ما في نظرته للمرأة أو إلى شعوره تجاهها بفوقية غير مبررة، وقد أشار الراوي مرة إلى أنه وعطوة محدودا الخبرة في التعامل مع المرأة، ولكن هذا لا يبرر غيابها عن العمل بهذه الصورة غير الطبيعية.
ومن الغريب أن الراوي الرمادي حين قرر المشاركة في تلك الوقفة الأخيرة ليكتسب لونا ما، فإنه قرر ذلك بدافع نفعي يصب في مصلحة روايته، فضلا عن قبوله دعوة للحوار في قناة فضائية حين التقطته مذيعة من وسط الزحام بعد أن أغرته بالانتشار والشهرة وكذلك بمبلغ كبير من المال سال له لعابه.
في الوقت ذاته يصفع أحد رجال الأمن الدكتور قطيط على وجهه أثناء المظاهرة السلمية فيصاب الرجل بغيبوبة، وتتلف خلايا مخه ويصاب بالشلل من جراء صدمته العنيفة لشعوره بالذل والمهانة والعجز عن المقاومة الجسدية للسلطة الغاشمة. وهذا هو ما حدث ولا يزال يحدث عادة لذوى الحساسية المفرطة من المثقفين الشرفاء من أمثال الراحل الدكتور محمد السيد سعيد، والناقد فاروق عبدالقادر، والدكتور نصر حامد أبو زيد، وقبلهم الدكتور عبدالوهاب المسيري، وغيرهم ممن يتمتعون بالجرأة على تحدي قوى الظلم مهما كان الثمن المدفوع، مضحين من أجل أهدافهم بكل غال وثمين. أما أصحاب المواقف المائعة فإنهم لا يبحثون إلا عن الفائدة، مثلما وجد صاحبنا وسط تلك الأحداث التراجيدية القتلة فكرة "زيوس يجب أن يموت".
قد يقول البعض إننا يجب أن نفرق بين شخصية الكاتب – الراوي في هذا العمل - وما يفرزه من فكر أو فن يقدمه للناس وألا نخلط بينهما، ولا نطالبه بأن يكون مثالا يحتذى أخلاقيا أوعلميا أو ثقافيا، وأنا لا أختلف معهم في ذلك، فلو نجح روائي في كتابة رواية رائعة من طراز "زيوس يجب أن يموت"، وكان الكاتب يتمتع بصفات شخصية كريهة، فشكرا له لما كتب وأفاد، وليذهب بصفاته الكريهة إلى الجحيم.
يقتل كرونوس ابني زيوس الجبارين آرس وهرقل، بعد أن نجح بدهائه في خداع الآلهة الذين سلحوه بأقوى أدوات القتال، وبذلك يتعرى زيوس رب الأرباب من الحماية الأمنية ويصبح جبانا رعديدا شأنه شأن أي دكتاتور محمى بأسلحة رجال أمنه، ولذلك لا يجد أمامه سوى أن يغري كرونوس بالانضواء تحت رعايته أو دخول حظيرته أو الاغتراف من خيراته المسروقة من الشعب. ولم نعرف ماذا قرر كرونوس الذي سبق أن وعد الشعب بإعادة خيراته إليه بعد انتقامه من الآلهة، لكننا نعرف بوضوح أن الراوي أو المثقف الرمادي قد استجاب من جديد لنفس مدير القناة الخليجية لتقديم برنامج أسبوعى يروج لوجهة نظر القناة لقاء مبالغ خرافية، فيشتري الشقة الجديدة الواسعة والعربة الفارهة، وطظ في قطيط بكل ما يعنيه من قيمة ورمز ومعنى، أمام شهرته التي دوت في الآفاق، وأمام الدولارات التي انهالت عليه، وانهالت معها مكالمات تليفونية من شخصيات لم يكن يحلم بمقابلة أصحابها ولو صدفة، كما امتنع الهاتف عن استقبال شخصيات أخرى لم يعد لوجودها أهمية في حياته الجديدة، وهذا هو شأن كل الانتهازيين في كل زمان ومكان. ولعلنا نلحظ في حياتنا الثقافية منذ ثلاثة عقود، ذيوع أسماء كثيرة لدرجة كبيرة دون وجه حق، نتيجة اختلاف مقاييس الذيوع الحقيقي في مجتمع لا يعرف معنى الحرية، ومناخ لا يعرف العدل، حيث ينبذ المناخ الديموقراطي فكرة أن تختفي الكفاءة الحقيقية، ويطفو الغثاء على السطح، فالحرية والديموقراطية مرتبطان دائما بالعدالة.
في النهاية نجد أنفسنا في مواجهة الرمادي الجديد وكرونوس الجديد، في ختام متفرد للرواية تحت عنوان "صفر". بينما يفاجأ صاحبنا بما اعتقد أنه هرب من رؤيته أمام بيته القديم، مثبتا في مواجهة بيته الجديد. نفس الجمود ونفس التبلد ونفس التحجر ونفس التخلف ونفس التسلط ونفس الابتسامة الزائفة. ابتسامة زيوس الذي لا يموت، والذي يجب أن يموت.
سعيد سالم ـ روائي مصري