اقترحت عليه الراقصة أن يفعل مثلها

كتبنا المسروقة تعرض على أرصفة الإنترنت!


إنها قضية معقدة لها جوانب فنية واقتصادية وقانونية ولها نصابون جدد يحسنون ترتيبات الاحتيال عبر الإنترنت.


بقلم: رجب سعد السيد

بينما العالم كله يجتهد ليحفظ للمبدعين والمفكرين حقوقهم التي يستحقونها كمقابل لما أنتجوا وأبدعوا، نفاجأ بأن ثمة من بني جلدتنا، من يتحايل ليأكل حقوق هذه الفئة "المهضومة" في بلادنا، وأقصد مهضومة الحقوق، بمعني أن هناك من "يأكل" و "يهضم" نيابة عنها، أو بدلاً منها. تماماً كالعلاقة بين العائل والطفيل. وفي معظم الأحيان يكون العائل معدوم الحيلة أمام طغيان الطفيل وجبروته، كذلك فإن المبدع.

وأخص هنا طائفة الكتاب في بلادنا، مهضومون بمعنى أن المقابل المادي الذي يقدم لهم، ويتحصلون عليه فعلاً، ضئيل جداً. وفي معظم الأحيان يكون تقديره قد تم على أساس أسعار الحياة منذ نصف قرن مضى. فكل فئات الموظفين تحصل على علاوات دورية وبدل غلاء، وبدل مخاطر مهنة، وحوافز إضافية، وعشرات من أنواع الزيادة في المرتبات، بينما المؤلف أو الكاتب واقف عند حد الجنيهات القليلة التي يعجز عن أن يغير بها عدسات نظارة القراءة!

ولعله من المخزي أن نجد أفضل فئات الكتاب في مصر لا يتعدي أجرهم عن نشر عمل أدبي أو مقال في دورية حكومية أو غير حكومية مئات قليلة من الجنيهات، في أحسن الأحوال.

ولعل ذلك هو ما دعا الراحل الدكتور يوسف عزالدين عيسي إلى أن يكتب في مفكرته بالأهرام، منذ سنوات طويلة مضت، مقارنا بين ما يتقاضاه، وهو الأستاذ الجامعي والأديب والكاتب بالأهرام، في شهر كامل، وبين ما تتحصل عليه راقصة في ليلة واحدة، من جراء هز بطنها. وقد ردت عليه الراقصة فاقترحت عليه أن "يفعل مثلها"!

وإذا رضينا بهذا النمط من "الهضم" لحقوق الكتاب، وجدنا أنفسنا أمام "هاضمين" آخرين، وعصريين. فهم يستخدمون معطيات التكنولوجيا الحديثة في "التطفل" على الكتاب، في ظاهرة تستحق أن نتوقف حيالها، وسوف أعرضها من منظور حوادث وقعت لي شخصياً، ولكني وجدتها متكررة بين العديد من الزملاء الذين "ركنوا" إلى الصمت!

تبدأ الحكاية أثناء جولة لي بشبكة المعلومات الكونية (الإنترنت) حيث وجدت موقعين يعلنان عن بيع كتب من تأليفي:

1- موقع "مكتبة دوت كوم almaktabah.com". ويعرض لي كتابين. هما: غدا القرن 21 ومسائل بيئية. بسعر دولارين للنسخة. والكتابان من إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب. وصدر الأول في 3 طبعات، منها طبعتان في مشروع مكتبة الأسرة. والطبعة الأولى في سلسلة العلم والحياة. وقد نفدت جميع الطبعات. كما نشر الكتاب الثاني في السلسلة المذكورة، ثم في مكتبة الأسرة، وقد نفدت جميع الطبعات.

2- موقع "نيل وفرات". ويعرض هذا الموقع خمسة كتب لي، هي: حكايات خضراء. كعكة من جليد. الأرض شفاها الله. أجراس الخطر. اركبوا دراجاتكم.

قوائم البيع تتضمن مئات العناوين لمفكرين وكتاب مصريين من مختلف دور النشر، تنتظر البيع كنسخ ورقية "أصلية أم مزورة؟.. الله أعلم!".

وقد خاطبت "الأشباح" في الموقعين، فكان طبيعياً ألا أجد رداً، فتوجهت بالخطاب إلى اتحاد الكتاب، وبعض الجهات الناشرة، على أساس أنها تشاركني الهم، واتحاد الناشرين العرب، وإن كنت ترتيبا على مواقف سابقة، لا أتوقع رجاء من كل هؤلاء.

إنها قضية معقدة، لها جوانب فنية واقتصادية وقانونية، وربما أمنية. ولها سراديب معتمة، وسكك شقها نصابون جدد، يحسنون ترتيبات الاحتيال عبر الإنترنت.

والحق أقول: أنا لا أستطيع التصرف كفرد أمام هذه الظاهرة. كما أنني لا أدري إن كانت تجارة كتب مشروعة أم أن وراءها شبهة تزوير. لذلك فإنني أدعو الجهات ذات الصلة - وقبلها الرأي العام - أن تتقدم وتكون إيجابية وتضطلع بمسئولياتها تجاه المبدعين

مبروك دكتور أحمد موسي


برستيج محمد خيرت حماد


ومضات قصصية


المفتون ونساء فؤاد قنديل

1


لا أحد يصلح لكتابة التاريخ


الضابط للمفتون: لا تحسب أن الوضع اختلف في عهد السادات عن عبدالناصر، على العكس إنه أسوأ بمراحل.

بقلم: سعيد سالم

يؤكد الروائي فؤاد قنديل في أكثر من حديث صحافي وتلفزيوني أن روايتي "المفتون"، و"نساء وألغام" هما الجزأين الأول والثاني من ثلاثية عنوانها "المفتون" تحوى سيرته الذاتية كاملة.

لا لبس اذن ولا شك في صراحة المؤلف وصدقه، وبالتالي فلا احتمال لسوء فهم أو اعتراض من متضرر قد يرد عليه بأن وقائع العملين وأحداثهما مجرد خيال كاتب، فالكاتب واضح وصريح في اعترافه، فضلا عن أنه ذكر أسماء أفراد عائلته الحقيقية دون أدنى تعديل.

رغم ذلك فهو يقول في صفحة 30 من المفتون – وأنا أؤيده تماما في قوله – إنه "لا أحد يصلح أن يكتب التاريخ، لأنه غير موجود ذلك المحايد مائة في المائة".

هذه شهادة صائبة تماما، فالطبيعة الإنسانية ترفض الافصاح عن سقطات مشينة يصعب حكيها على الملأ في نص معنون بأنه سيرة ذاتية، وان كان من الممكن حكيه خلال عمل روائي عادي، كما فعل نجيب محفوظ الذي عرفنا جميعا أنه كمال عبدالجواد في الثلاثية، وكما فعل جمال الغيطاني في الأسفار والألم والتجليات دون أن يصرح بأنها سيرة ذاتية رغم ورود اسمه واسم أبيه واسم أمه في العمل.

إنها حقا قضية شائكة وغالبا ما تسفر عن مشاكل عائلية عديدة قد تصل إلى درجة القطيعة بين الكاتب وأهله وأحيانا أقاربه أو أصدقائه ممن وردت أسماؤهم في العمل، كما حدث مع لويس عوض واحسان عبدالقدوس وغيرهما من مشاهير الكتاب الذين نقلوا الواقع نقلا مباشرا بكل ما يمتلكون من موهبة ومهارة أدبية.

في صفحة 120 من المفتون، وفي معرض حديثه عن حماته وتعمده إخفاء إعجابه الغامض بها، يواجه الكاتب نفسه قائلا لها:

"توقفي يا لعينة، فليس كل شيء يقال، وما هى إلا ظنون أربأ بك أن تسمحي لها أن تخطر على بالك أو تتغذى على أهوائك. فكونى كما عهدتك غير أمارة إلا بالخير".

وتتكرر مجابهته الحاسمة الحازمة لنفسه عدة مرات كلما شعر أنه يريد أن يخفي شيئا يخجل من ذكره، خاصة فيما يتعلق بقصة زواجه الغريبة التي تعرض فيها لمهانة شديدة لم يتورع عن ذكر تفاصيلها بشجاعة فائقة. الأمر الذي يدعونا إلى التفكير في الهدف الكامن عند الكاتب من وراء ذكر هذه التفاصيل. من المؤكد أن رغبته الأساسية هي نقل تجربة إنسانية للقارىء، هو ملم تماما بكل دقائقها ورقائقها باعتبارها حدثت له أو معه، وكان من الممكن أن تحدث لغيره فيرويها عنه بنفس التفاصيل، لكن المؤكد أن درجة الصدق ستكون أعلى حين يكون هو صاحب التجربة، وكأنه يتوجه إلى القارىء محذرا إياه كي لا يقع فيما وقع فيه هو من أخطاء حياتية خطيرة يذكرها دون تحفظ، ولأن القارىء يعلم مسبقا أنها سيرة ذاتية، فسوف يكون تصديقه للتجربة غير قابل للشك، وبالتالي ستكون استفادته من تجربة الكاتب استفادة حقيقية مباشرة، ربما تكون سببا في تغيير مجرى حياته بالكامل.

يتضح لنا من الرواية أن فؤاد عنيد في الحق، متمسك بحقه مهما بلغ الثمن المدفوع، كرامته – كما يقول عنها عمه – على طراطيف مناخيره. وهو كما وصف نفسه لرئيسه ص 144 في المفتون:

"إنني لا أخضع للابتزاز ولا أسمح بالاستغلال سواء من البشر أو الكلاب!".

كما تتجلى من بين السطور خفة ظله كإنسان من جهة، وكاتب من جهة أخرى، ولا عجب فهو الكاتب وهو الإنسان أيضا.

ولأن فؤاد متمكن من أدواته الفنية فهو يدمج العام بالخاص حتى لا ينفر منه القارىء من جهة، ومن جهة أخرى حتى يأخذ العمل أبعادا أكبر وأوسع من البعد الشخصي مهما كانت تجاربه ثرية موحية.

على سبيل المثال فقد تناولت المذكرات قضية طال الجدل فيها رغم مرور أربعين عاما على وفاة صاحبها وهو الزعيم المحبوب جمال عبدالناصر. لقد استطاع فؤاد رغم انحيازه العاطفى الشديد لجمال عبد الناصر، أن يقنعنا بموضوعية بكل إيجابيات عبدالناصر الرائعة دون أن يغفل عن ذكر أخطائه الخطيرة، وقد تم ذلك في السياق الطبيعي لأحداث الرواية دون تعسف أو افتعال. ومن نفس المنطلق تطرق إلى قضايا إنسانية عديدة كالعلاقة بين الدين والفلسفة، وبين الدين والفن، ومسألة الجبر والاختيار عند الإنسان، والتي حدد وجهة نظره بشأنها تحديدا قاطعا قد يتفق معه البعض وقد يختلف معه بشأنه. فهو يقول ص129 في المفتون:

"أوشكت على الإدراك أنه لا أحد مخير إلا في أقل القليل وأننى حر فعلا، لكن في إطار العناية الالهية وبالصدام مع الآخرين. صدام التوقيت والمصالح والأفكار والأهواء، بل الأحلام والآمال. وفي ضوء المشاعر والأحاسيس المركبة والموروث والظروف. الآخرون هم قيودي وليس الله".

ولو أنه استدعى بذاكرته مقولة الإمام الغزالى في إحياء علوم الدين لوجده قد حسم المسألة في صيغة شديدة الاقناع والإيجاز حين قال: "إن الإنسان مخير فيما يعلم مسير فيما لا يعلم".

وتبدأ أحداث الجزء الثاني من الثلاثية في 11 سبتمبر/أيلول من عام 1981 وتستمر بقية الأحداث على صورة فلاش باك حتى قرب انتهاء الرواية، حيث يقول ص252 في "نساء وألغام":

"إذن فقد صدمتني سيارة بينما كنت أحاول جاهدا الهروب من مطاردة رجال أمن الدولة. كانت السيارة المجنونة تنزلق باندفاع شديد من فوق كوبري 15 مايو.."، حتى يختم الرواية بحادث المنصة. وما بين البداية والنهاية يروي لنا قصة خروجه من مصر بعد قراره الغاضب الحاسم بألا يتزوج من هند بعد كل ما بذله لأجلها من وقت ومال وجهد وحب وتنازلات لا حصر لها.

ويوضح لنا قنديل وجهة نظره في الزواج ص104 في "نساء وألغام" بقوله:

"الرجل ليس الروح دائما وليس الجسد، والمرأة كذلك. إذن فالزواج ليس زواج المرأة بالرجل، ولكن زواج الواقع والمثال، أو الأخلاق والشهوة، أيا كان موضعهما".

وتتعدد أسفاره من ليبيا – التي دخلها بمغامرة مثيرة تدل على جرأته وقوة أعصابه رغم ما نعرفه عنه من هدوء شديد وأدب جم - إلى سوريا ولبنان، وإلى أكثر من دولة أوروبية، متعرضا للفوارق الخطيرة، بين الحرية والديموقراطية اللتين تتمتعان بهما شعوب العالم الغربى، وبين ما يعانيه العالم العربي من قهر وتسلط على يد حكامه. حيث يقول له ضابط الأمن بكل صراحة تعقيبا على اندفاعه الثوري المجنون بمخاطبة السادات في رسالة مباشرة يعترض فيها على ما أسماه بالمصائب الأربعة، وهي:

- الشعار الكارثة بأن 90% أو ربما 99% (لم يحددها الكاتب) من أوراق اللعب في يد أميركا.

- الانفتاح العشوائي

- ضرب الشيوعيين بالإخوان والجماعات.

- محاولته الجادة والملحة لتغيير الدستور.

يقول له الضابط: "لا تحسب أن الوضع اختلف في عهد السادات عن عبدالناصر، على العكس إنه أسوأ بمراحل. دعك من تمثيلية حرق الأشرطة وهدم وإغلاق بعض السجون، كل شيء كما هو. كانت هذه خطة لهدم عبدالناصر وليس السجون، وسوف تظل مصر كما هي لقرن على الأقل، وإن اختلفت الأساليب".

كما تعرض لذكر الفوارق بين الجمال الذي تسعد به الأعين في أي ميدان أوروبي أو حديقة أو كنيسة أو متحف أو مساكن تحضنها الطبيعة الخلابة، وبين ما هو كائن بالقاهرة، حيث يقول ص 105 "أرى المصريين الآن بالملايين يهجمون على القاهرة المهيضة يخرجون جميعا وفي وقت واحد كميات هائلة من النفايات والغضب والكوابيس والغوغائية والألسنة الملوثة والصراخ، ويلقونها على وجه المدينة المعذبة".

ورغم ذلك فهو دائم الحنين إلى أحضان قريته ووطنه وأهله وأصدقائه. يستحضرهم جميعا وهو في ذروة المتعة أو المعاناة.

وتبقى تلك المقدمة الجميلة لثلاثيته والتي أرى أنها كانت ضرورية لمثل هذه الحالة الخاصة من الكتابة الروائية، رغم رفضي التام لأية مقدمة يشرح فيها روائي عمله، فالمسألة هنا مختلفة تماما.

سعيد سالم ـ روائي مصري

28


النساء يشبهن ما تبقى

خالد البري يؤكد موهبته السردية بـ 'رقصة شرقية'


'الدنيا أجمل من الجنة' يسبب مشكلة لصاحبه فيلجأ إلى كتابة رواية 'رقصة شرقية' فيتوقف النقاد عندها.


كتب ـ محمد الحمامصي

"متى اخترع الإنسان صيغة السؤال؟ وكيف رسم علامة الاستفهام؟ مستديرة في قمتها ومنقوطة في القاع، كعجوز محنية الظهر تخفي مفتاحًا تحت قدميها، علامة الاستفهام امرأة بالتأكيد، انسيابيتها لا تشبه أجسام الرجال المخلوقة على هيئة الأرقام الإنجليزية الحادة – وان، سيفين وفور، النساء يشبهن ما تبقى :تو امرأة تتوب، سيكس وناين امرأة تتقلب على سرير القلق، فايف امرأة حبلى تنظر إلى المستقبل بترقب، وثرِي امرأة تستثمر فقط في أنوثة تتآكل، لكن إيت هي المرأة كاملة الأنوثة – انسيابية وملفوفة ومراوغة ومرنة، دون أذى، ولا سوء طوية .

والمرأة من ثم تشبه – حين تكون ممددة كما كاتيا الآن على سريرها – علامة اللانهائي، التي لا يستطيع أحد أن يسبر حدودها .وهكذا هي .حياتها دائرة كبيرة فيها دوائر صغيرة، ربما فقاعات صابون، أو حتى كلبشات، كما قال زوجها السابق، والحمد لله أنها اليوم ستنتقل من هنا، مرة أخرى إلى حياة جديدة، سترمي فيها – كالعادة – القديم وراء ظهرها، كما ترمي الشمس ظلام الليل بكل ما غطى وما كشف، حتى في يوم غائم كذاك، بدا في بدايته أن الحياة توقفت".

هذا المقطع من رواية "رقصة شرقية" للكاتب خالد البري، عقد لها الصالون الثقافي لدار العين للنشر ندوة مؤخرا، أدارها محمد شعير، وناقشها كل من الناقد د. محمد بدوي، والشاعر والصحافي وائل عبدالفتاح.

الكاتب الصحفي محمد شعير رأى أن صاحب الرواية هو "سيد قطب" الصغير، فسيد قطب بدأ شاعرا وناقد أدبيا وانتهى به الأمر "منظرا للجماعة الإسلامية" وما يشابهها، وعلى النقيض منه بدأ خالد عضوا في الجماعات الإسلامية وتحول إلى روائي، حيث وجد في كتابة الرواية الكلمة التي تفجر المعنى.

قال محمد شعير عن بداية معرفته بخالد البري، أنه في عام 2001 وأثناء وجوده بمعرض بيروت الدولي للكتاب وتحديدا بجناح "دار النهار"، أخبره صاحب الدار أن هناك كتابا مصريا يحكي فيه صاحبه عن تجربته في الجماعة الإسلامية، وكان يقصد "الدنيا أجمل من الجنة"، "عرضت الكتاب وقتها في أخبار الأدب وقد أثار الموضوع ضجة كبيرة لدرجة أن رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم طلب مقابلة خالد، وطلبت بعض القنوات التليفزيونية إجراء حوارات معه حول الموضوع، ولكنه احتراما لنفسه ولتاريخه رفض أن يتاجر بهذه القضية.

وتحدث خالد البري عن كتابه "الدنيا أجمل من الجنة" مشيرا إلى أنه سبب له مشكلة شخصية نظرا للأحكام المسبقة التي يطلقها الناس عليه بدون قراءة هذا الكتاب، فعنوانه دائما ما يحيل إلى صورة نمطية عن المثقف المتمرد على الثوابت والطقوس، ولكنه ليس أكثر من تجربة شخصية مهمة في تكوينه وتشكيل أفكاره.

وعن رواية "رقصة شرقية" أشار البري إلى أنه عندما بدأ في كتابتها كان يريد أن يكتب عملا كلاسيكيا، ولكن بطريقة مختلفة، فبدأ في كتابتها وأنجز جزءا كبيرا فيها، وبعد عام ونصف العام سُرق منه جهاز الكمبيوتر الشخصي الذي كانت عليه النسخة الوحيدة من الرواية، وكانت هذه صدمة كبيرة له تجاوزها فيما بعد، وبدأ في كتابتها من البداية حيث استغرق منه الأمر ثلاث سنوات لكي ينجزها، ولكنه بعد وقت اكتشف أنه بصدد إنجاز عمل مختلف تماما عن التصور الذي وضعه للرواية، وأخذ يعدل فيها إلى أن وصلت لهذا الشكل الذي طبعت عليه الآن.

وأكد الناقد د. محمد بدوي أن العمل مكتظ وضخم ويجب أن يقرأ بعناية وتأن كافيين لإدراك كافة جوانبه وكافة التفاصيل الموجودة به، لأنه عمل جدير بالقراءة، وألمح إلى أن كتاب "الدنيا أجمل من الجنة" كتبه البري من واقع تجربته ومستفيدا من خلفيته الصادقة، فالكاتب العربي بشكل عام دائما ما يكون مشغولا بخبرته الواقعية ولكن عامل "الصدق" هو الذي يفرق عملا عن آخر من حيث الجودة، وهو الأمر الذي استطاع خالد أن يفعله بمنتهى السلاسة في روايته.

وقال بدوي "تحول البري في (رقصة شرقية) إلى روائي محترف بعد العمل الثاني، وهو أمر نادر ما يحدث في هذه الأيام نظرا لأن بعض الكتاب يتباهون بأنهم يكتبون الرواية في أسبوع أو حتى أيام، أما خالد فتروى وأعاد الكتابة مرات عدة حتى خرج علينا بهذا العمل الممتع".

وعن مهمة الاحتراف هذه يشير بدوي أنها تأتي مع تزايد الخبرات، فـ "الدنيا أجمل من الجنة" هو خبرة شاب مصري صعيدي كان يتم إعداده ليصبح مجاهدا، "نيجاتيف" كانت شكلا من أشكال التدريب على كتابة الرواية، فحاول فيها صنع ضفيرة تضم بعض الخبرات مع بعضها، وخصوصا أن خبراته في هذه الفترة كانت قد زادت، أما "رقصة شرقية" فهي تريد أن تكون رواية محترفة، ولكنها لا تخضع تماما لشروطها، فقد نجد فيها مجموعة من القيم الموجودة في الواقع الثقافي العربي "حبكة، شخصيات، أحداث"، ولكن على الرغم من ذلك فكلها معتمدة على فكرة اللعبة.

وعن القيم الموجودة في الرواية، قال بدوي أن هناك العديد من القيم التي تجمعت لتصنع هذا العمل الممتع أولها "قيمة المتعة" فالمتعة ليست شيئا غريزيا، ولكنها مصنوعة، شخصياتها تنبض بالحياة وهي ليست رواية نخبوية بل يمكن أن تكون أشبه بالروايات البوليسية، قيمة الحبكة هي من القيم التي على وشك الاختفاء في كتابة هذا الجيل الجديد، ولكنها موجودة هنا وبشدة في هذه الرواية، أيضا من المهم الإشارة إلى أن البري في هذا العمل تخلص من آثار سيرته الذاتية، فهو ليس البطل الذي يحكي، بل لقد توصل إلى إمكانية قطع الصلة بين الكتابة وأحداث حياته وهو أمر بالغ الاحترافية.

أما وائل عبدالفتاح فأشار إلى أن تجربة خالد الكتابية هي المهمة بالنسبة إليه وليست تجربته مع الجماعات الإسلامية، فكتاب "الدنيا أجمل من الجنة" هو بمثابة رحلة من اليقين إلى الشك في محاولة معارضة لجيل الستينيات الذي كان يخوض رحلته دائما من الشك إلى اليقين.

"الحكاية بالنسبة للبري هي عبارة عن سلة معرفة تجمع شتات الأشياء في محاولة منه للاحتراف، وهي أيضا محاولة منه لوصف الخذلان من المؤسسات الكبيرة الذي تعرض له أبطال الرواية، فهم هربوا من المؤسسات التقليدية ليلتحقوا بصناعة الفكر والرؤية، وحتى في هذا لم يحققوا نجاحا وواجهوا خذلانا عظيما ، فـ "رقصة شرقية" هي محاولة لصنع ملحمة ولكن بسخرية.

ورأى المترجم مصطفى فهمي أن عنصر التشويق جاء متأخرا، ولذلك فبالنسبة له فإن بداية العمل كانت مملة، وأخذ على الكاتب أن كتابته ذكورية، وأن النساء لا بد وأن يكون لهن دور أكبر في هذا العمل، فأدوارهم كلها ثانوية جدا، وفي الغالب يقوم الرجال بتحريكهم والسيطرة عليهم، وأضاف "كان لا بد للكاتب ألا يكون صريحا في استخدام بعض الألفاظ الجنسية، وأن يستخدم الألفاظ الموحية، حيث لا يوجد أنه مبرر درامي لذلك".

وأشاد الشاعر أشرف يوسف بالعمل مشيرا إلى أن خالد يعرف تماما كيف يوجه عمله، فهو يتوجه للمجتمع العربي بالأساس بكل مفاهيمه ومعطياته ولا يتوجه للمجتمع الغربي الذي يعيش فيه فهو متسق مع ذاته تماما فيما يخص ذلك، وقال "كان سلسا في كتابته ولم يمارس دور الرقيب على نفسه وترك نفسه للعمل من أجل متعة الكتابة فقط، وهذا الشيء أصبح من النادر جدا حدوثه الآن، لقد ألغى من قاموسه الكلمات "غير المحتشمة" كما يسميها البعض، والواردة في هذه الرواية كبيرة الحجم ضد فكرتي (الكتابة النظيفة) و(الروايات التيك أواي)، فالكنز الحقيقي بالنسبة لنا كقراء هو الرواية كما قال الناقد الراحل رجاء النقاش عن رواية (موسم الهجرة إلى الشمال).

وانتقد محمد فرج الصحفي بجريدة أخبار اليوم الرواية حيث رأى أنها كبيرة أكثر من اللازم، وكان هناك الكثير من الأشياء التي يمكن اختصارها أو حتى عدم ذكرها، مضيفا أن استطرادات الشخصيات كانت بالنسبة له غير مبررة، حيث أنها يمكن أن تكون أعلى من وعيهم المفترض تقديمه في الرواية، مما يؤدي إلى حدوث إرباك لدى القارىء.

وتساءلت د. فاطمة البودي عن سر اهتمام الكاتب باللون البيج في الرواية، وعقب خالد البري أنه كإنسان من الصعيد فاللون البيج بالنسبة له هو لون التراب "رياح الخماسين" في فترة ما قبل الربيع، فاستخدامه لهذا اللون إنما يعبر عن ضيق عن إحساس بالاختناق فهو بالأساس لون باهت، أما عن استطرادات اللغة فيرى أنها مهمة من وجهة نظر الكاتب في نظرته للشخصيات وأفكارهم واضطراباتهم الشخصية، مما يعطي مبررا لكتابة هذه الاستطرادات، وأكد خالد أنه في روايته هذه قام بعمل تحدّ ونجح فيه فهي "تحدّ للقيم المسبقة"، وقد اعتمد في هذا على اللعبة التي قدمها في الرواية، بالإضافة إلى كونها رواية ساخرة على حد قوله.

هذا الخبر لا يعتبر سرا

06:04:46


لوتس عبدالكريم تروي أسرار الملكة فريدة وسيرتها الفنية


'فريدة مصر .. أسرار ملكة وسيرة فنانة' يحتوي على معلومات وصور ووثائق وأحداث نادرة لم يذكرها المؤرخون.


"فريدة مصر .. أسرار ملكة وسيرة فنانة" عنوان الكتاب الجديد الذي أصدرته الكاتبة الدكتورة لوتس عبدالكريم عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة.

والكتاب يعد وثيقة ملكية مهمة لما يحويه من معلومات وصور ووثائق وأحداث نادرة لم يذكرها المؤرخون، ولم ترد في كتاب تناول الملكية في مصـر، لأن المؤلفة عاشت خمس سنوات مع الملكة فريدة، فاستطاعت أن تكتب سيرتها الذاتية التي لم تدونها ملكة مصر.

يقع الكتاب في 248 صفحة من القطع 20 × 28 سم (أي من الحجم الكبير)، ويعتبر كتابًا فنيا من حيث الشكل والإخراج والطباعة والصور واللوحات الملونة، وينتمي إلى فئة المذكرات من حيث التأليف، وتتصدر غلافه الأمامي صورة بورتريه رسمها الفَنَّان المصري الشهير عبدالعال، رسمت خصيصا للكتاب.

أما الغلاف الخلفي فقد احتوى على مفاجأة فجرتها الكاتبة لوتس عبدالكريم، ولذا حاول الناشر أن يضع هذه المفاجأة على الغلاف الأخير التي تَعدُّ حسب وصف الكاتبة "آخر وأهم أسرار ملكة مصر، وهي عودة الملكة فريدة إلى الملك فاروق بعقد زواجٍ رسمي قبل وفاته ببضع سنوات".

وتقول لوتس عبدالكريم: هذا الخبر لا يعتبرُ سرًّا .. إنما الملكة فريدة هي التي لم تشأ إذاعته منذ حدوثه وأثناء إقامتها بمصر؛ خشية أن يعرقل ذلك وجودها في البلد الذي عشقته طوال حياتها، أي مصر .. لكنهما كانا يلتقيان، وهذا يدل على أنَّ الحبَّ القديمَ بينهما لم تطفئ جذوته الأيام، وأنها ظلت هي الأثيرة لديه وهو الأثير لديها؛ أي كان عشقًا متبادلًا قويًّا. وهذا يفسِّر لماذا كانت ترفض الارتباط بأي شخص كما كان يفسر بكاءها الشديد، حينما كنا نزور معًا مقبرته.

هذا الخبر لم يعرف به سواي وابنتها الكبرى فريال، ولما رأيت أنه لم يعد سرًّا وإنما أصبح خبرًا مهمًّا يجب أن يعلم الكل به .. أردت كتابته؛ لأنه يستحق أن ينشر.

كانت تحتفظ في إصبعها بخاتم الملك ودبلة الزواج حتى وفاتها.

إن «فريدة» الملكة التي تركت التاج والعرش بكامل إرادتها، ومن أجل كرامتها .. هي نفسها «فريدة» التي عادت إلى الرجل الذي أحبته بلا تاجٍ وبلا عرشٍ وبلا قوةٍ .. كانت «فريدة» هي الزوجةُ التي عادت الزوج وهو في محنته، تسانده وتمنحه الحنان والصبر والقوة من قلبها الواسع الملئ بالتسامح والرحمة.

هي «فريدة» التي قالت: «بعد فاروق لن يكون لي زوج آخر». وقالت: «هو الذي جعلني ملكة، وهو والد بناتي». أما «ناريمان» التي تزوجت العرش، فقد تخلّت عن صاحبه حين ذهب عنه العرش .. وهذا هو الفارق بين الاثنتين.

إن «فريدة مصر» هي مثالٌ كاملٌ للإنسانية والخلق الرفيع والحب بلا نهاية.

إنها امرأة لا تتكرر.

ولم أسمع أو أعرف في حياتي من تشابهها.

الحركة الثقافية تتألق بالدقهلية


ياتري أمي قالت إيه؟


حسن الجوخ يناقش الطافش في اتحاد كتاب الدقهلية


الاصدار الأول لمحمود الهايشة ومجلة روز تبارك ودائما أدب الجماهير


نوال مصطفي والزمن الأخير

مبروك شيماء