قراءة في ديوان فاطمة الزهراء فلا علامة استفهام في الحب .
بقلم وحيد السواح
الشعر مرفأ الرحمة من عذابات البشرية ,والوادي الظليل من هجير القسوة واستلاب الإنسانية وتبقي الكلمة الشاعرة رسالة حياة لمن أراد الحياة وصحوة الضمير الإنساني يطلقها الشاعر حيث كان وصرخة الحر رغم كل قيد .
إنه الرقة في كل زمان ومكان , وأهازيج الضمير الإنساني الخالص من شوائب الرداءة.
وفاطمة الزهراء تجسيد لرقة الصوت الشعري الحر المنفلت من ربقة الموروث الساذج إلي أفق التنوير المجدد للمرافق الفكرية الصدئة ,في زمن الصدأ الفكري المتوارث عبر سنوات الجمود والتقليد.
وهاهي الزهراء تناقش في ديوانها كل الصداءات الفكرية في أطروحات دياليكتيكية جدلية كي تعري خطايا الفكر الرديء والمجتمع المستمريء للرداءات من خلال بانوراما شعرية ثائرة علي التردي في أثواب الاستباحة والاغتراب والشات.
إن الزهراء تسعي إلي لملمة النفايات الفكرية المتجزرة في الوجدان الشعبي والجمعي ,وكأنها كاميرا نفسية بين طياتها لتسجل بها تلك الخطرات الكائنة في أعماق المجتمع وواقعه ,من خلال علامات الاستفهام التي تحيل بها القاريء إلي مشارك , إما حائرا متسائلا أو مجيبا واعيا.
وهكذا تدور الشاعرة بكاميرا النفس في سياحة تأملية بين دهاليز الواقع المكبل بسذاجات الموروثات الشعبية من جهة وبالمسخ الفكري الحاضر من جهة أخري كي تجعل من القصيدة أطروحة تناقش العاطفة والعقل في آن . من خلال بعض علامات الاستفهام التي لا تسأل عن مجهول بقدر ما تحمل من دلالات الاستنكارات والاندهاشات من الترديات المجتمعية التي تئن تحت وطأة الاحتلال الموروثي الذي حدد بقسوته إقاماتنا الفكرية تحديدا جبريا.
وهكذا تتلون قصائد فاطمة بحمرة الخجل عندما تتكلس مشاعر الحب وتكفر ثم تسجد لصنم الدولار في زمن المسخ والاغتراب ,والبحث عن القيمة الزائفة بين الدولارات الفرنجية ,والدينارات العربية.
ولعل الشاعرة - في هذا الزخم المتناحر من علامات الاستفهام تسعي إلي صياغة مشكلات الواقع في أطر رومانسية وتقديم رؤية ناقدة لواقع اترأت فيه القيمة , وامتسخ فيه الحب , انطلاقا من روح واعية تؤرجح الشاعرة بين واقع مرفوض , وحلم قادم مأمول يسعي إلي التغيير واختراق المجتمع الشرقي المحموم بهوس الأفكار الحمقاء الموروثة ولعل أبرزها العلاقة المأزومة بين الذكر والأنثي والصراع المرتكز علي طبيعة التكوينات الفسيولوجية والعضوية محل استغراق الفكر الذكوري تجاه الأنثي .
ومن هنا فأن الزهراء تشكل المرأة داخل الديوان بشكل فني أقرب إلي الشعبية منه إلي الخصوصية ,رغم توحد القضايا مهما اختلف التصنيف الطبقي لها, إذ تبقي المرأة هي الضحية الأبدية لذلك الصراع الذكوري الذي يحولها خطيئة من صنع الرجل والذي مسخ الحب تحت فوضي العري , ورائحة الجنس المأجور .
وهكذا تتواصل الشاعرة مع القاريء في لملمة تلك القضايا المجتمعية في بكائية صامتة تطرح من خلالها تساؤلات الأنثي الحائرة عبر العصور.
وعندما تفجر الزهراء في أروقة الأنوثة أحلام البنات والصبايا الضائعة.
وعندما تحن إلي الزمن الجميل ولو بطعم الهزيمة , وأغنيات حليم -الأبنودي الحزينة.
وعندما ترصد المقاطع الحزينة في حياة النساء , وعندما ترقش بالفسيفساء الشعبية علي وجه القصيدة وهنا تظل الزهراء في دائرة جدلية وعلامات استفهام في الحب دائمة لتبقي في النهاية القيمة والحلم بالأمان والنجاة من الانسحاق والاسقرار علي ضفاف النور والبراءة.