لا تدعني وشأني॥ بقلم ماجده سيدهم

شيء ما بلا ملامح يطاردني هذا الصباح – أعتذر- كل صباح - وأردد أيضا ألا يغادر ملاحقتي كيلا أسقط في هوتي الموحشة باللاّ جدوى واللاّ معنى - في الركض نبحث مجددا عن الضائع فينا -المفقود منا ونتلمس الأشياء بعينها ، ندعوها بأسمائها ونتذكر من الكلمات التي نعتقد أننا نعرفها ، نتقدم في تراجع متصاعد نحو موجات دائرية متوترة وأحيانا عشوائية، الاختباء من شيء تجهله مثير للارتبارك المتقطع والخوف المثلج بأطرافك التي تشعر لحين أنها لا تنتسب إليك ، تسمع بوضوح ارتطام كريات دمك التي لم ترها قبلا لكنك تتفهم نزيفها جيدا الآن، فدفقها اللاذع عبر نوافذ جلدك يعنى الأمر الكثير و تخرج زفراتك لتترك متسعا آخر لفحص تفاصيل لحظتك وحقيقة ما بت عليه ، وان عينيك على اتساع ثاقب إلى أشياء تافهة ولا تعني معنى ما لك - هذا الشعور الذي يختصرك إلى حالة تنهد يتناغم صمت شهيقها مع اشتعال زفراتها المختزنة مسبقا بإتقان ، تترقب ولا تتوقع أي شيء ، ولن يضف المزيد إلى تراكم وحدتك ،فقد أصبحت حقا بمعزل جيد عن المنتمي إليك ، عن مكانك ، عن صوتك، عن الروائح ، الانتباه، الغرائز، الرؤية ،الضحك عن الإحساس بأهمية أي شيء - أنت تعيش عدمك الآن - وتجد لذة يقينية في الاستغراق ، ينعدم وزنك ولا أثر بين يديك لوجودك ، وان الحشرات الصغيرة والمزعجة قبلا من الممكن مصادقتها ، وفى مقدرتك فعل أمور دون تفكير فيما قد تسفر عنه ، تنظر إلى كفيك وتقلبهما ،تجاعيد أصابعك ذاكرة جيدة أيضا نظراتك الشاردة لاتجيد القسوة ، تحلق في سقف الحجرة تنظر تفاصيل المساحة ليرتكز فيما بعد نظرك إلى مصباح أيضا مثلك أعزل، يتدلى مجردا في التفاف كل هذا الخواء ،وبينما أنت هكذا- تتسلل أظافر روحك والتي تحلق داخل عالمك النائي ، تفتش مجتهدة عنك ،وتضج كل خلية فيك تبحث عن من يجدها ،وعن من يهمه أمرك ليلتقطك من تيه مضمونك الهارب منك - قد تلجأ إلى هاتفك - ورسائل تبثها لمن تسأله أن يدفع إلى قلبك ومضات من استرخاء - قد تفتش مضطربا في دفاترك القديمة وأيضا تلقيها بعيدا ، الآن أنا في حاجة فائرة لفعل شيء خارق جد ا، بينما في حقيقة الأمر هو اقل تواضعا مما نتوقع - لكنه حين تلك اللحظة يشكل ثقلا ممتازا لاجتياز فعله لذا تنمو محاولة اجتهاد إلى موسيقى خافتة - دفتر خبايا ابنتي قريب من تلصصي الذي لم افعل لكن بلا شك سأفعله أيضا الآن - الموسيقى لص الغابات وماء الفكرة الأولى ، تتسرب إلى مسام العطش المزدهر ، توقظ جفاف انكفائها ، وأقرأ خواطر صغيرة ، التنفس أصبح أكثر انتظاما و هدوءا - وتباعا تسقط لفائف من رصاص شتوي أزرق ،وتعلن الألوان عن وضوحها ، إذا نحن هنا في أشد الاحتياج الصارخ لأشياء وأناس وأفعال أكثر صدقا وجمالا وشفافية ..!

- عفوا ..عند منتصف الاختناق الذي تنفست ، أرسلت اليه " لاتدعني يا صديقي وشأني " لكن يبدو كانت لديه كلها نصا مفقودا ، هكذا أنا اخترع أناقة عدم الاكتراث ، الخيارات أمامي الآن مدهشة ، أن أتجاوز مرارة الخيبة ببالغ الابتسامة ، أو أمضي من خذلتي إلى فطرة الأشياء دونما التفات أو مبرر ، أو أعاود التلصص مجددا على قصاصات طفلتي الأكثر لطفا وطيبة ، في جميع الأحوال - أتقنت كيف دونه أمضي إلي ارتفاعي الأفضل متكئة إلى زوايا امتيازي ، لذا الآن يا صديقي دعني وشأني ..!