هكذا يضحك الله لنا بقلم ماجدة سيدهم

إهداء.. إلى كل من فقدت شريك عمرها ..لا تخافي

التجربة مغلفة بالكثير من دسم المشاعر المتداخلة ..المتسائلة.. الحائرة والخاضعة أيضا - التجربة ذئبة جائعة لها أظافر مباغتة أنيابها حادة وحضورها فزع- تركل ظهورنا بحنق شديد.. تهوي بأحلامنا سحقا ..تصفع وجوهنا بلا هوادة - وتصيرنا لا نعرف كيف يكون الانكفاء - تُحولنا إلى شيء لا تفسير له - لذا نبيت مجرد كتلة تعوي -تتخبط كما يجب أن يكون الهذيان - كانت المرة الأولى التي أقف فيها قبالة مشهد الموت المفاجئ- بينما أتقنت الذاكرة حفر التفاصيل الشرسة لتصبح أرشيفا ثريا نازفا بالمخيلة - -بداية من الحوار الضاحك قبيل الرحيل بدقائق وكيف الاستعداد معا لاحتفالات القيامة وحتى اختفاء الصرخة الفجائية والتي معها تبدلت حياة أسرة بالكلية - رحلة العودة إلى مصر - أطفال فزعة عيونهم ، اكبر من استيعابهم هول صدمة فقد الأب - المثل الأعلى لكل جميل وراق ومرح - رحلة تعدى طولها آلاف من المرارة والكيلومترات أيضا - من ليبيا إلى مصر - الطريق موحش ..اخرس –نشيج الصغار وخز في ما ندعيه من صلابة أمامهما - تهطل الأحداث كبرق ساحق يشطر الكيان ويترك في الحنين جرح اخضر والانحناء خيبة تدثرنا- وما ذا تريد أن تقول يا الله ..؟- لا إجابة مقنعة للصغار وأيضا لكي تصدق عقولنا - اختلطت ملامح الأهل بالغبار - وتفاصيل الأيام المتهالكة تشبه الشاحنات الصدئة - الزحام يكاد يبتلع كل التنفس وبينما الاختناق يمور في أعماقنا- تختلط أيضا المفاهيم والمعرفة والفلسفات الكثيرة- الأحداث سريعة ..متلاحقة تطعن بياض الوقت حيث لا متكئ للراحة - عندئذ نقف، وإلى دواخلنا ندلف، هناك فى ذاوية بعيدة عن كل هذا الضجيج وتراكم تلك المشاطرات- نفتش بعطش شديد وننصت بصمت مضني إلى صوت حي فينا ، لا يخدع ولا يصنع كذبا ومهما اختلفت العقائد والمفاهيم وحينما يتشابك سؤالنا الوحيد نجدنا في اللحظات الفاصلة نحتاج بلجاجة إلى قوة من أعلى ومجددا نسأل ماذا تريد أن تخاطبنا يا الله ..؟ في تلك اللحظة عينها يجيب الرب بنفسه سريعا شافيا بينما بصدق العيان نرى ممدودتان يداه لا غش فيهما ولا تغيير -يشقا هول العتمة – يؤتى حقا بالأغاني في الليالي الحالكة - يقترب بروح حنونة - ملاطفة وملء عيناه عيوننا ، يضحك مضمدا الجرح فينا انه لا يتخلى ويعزي ومعنا يكمل الطريق ، في ذروة الحدث حيث ينتقل الأحباء تضعف قوانا نـُسلم الأمر بالكلية لذا نُحمل جدا - نتعجب ويندهش كل من حولنا كيف في لحظة تبدل كل هذا الحزن المريع والانكسار الصائب لفرح وسلام مذهل لا يصدقه حتى أنفسنا ماذا حدث إذا وكيف ..؟ حينها ندرك أن هذه طريقة الله عندما يضحك لنا وأنها عمله المستحيل -ما أدركته نهار ذاك اليوم أن الرب وازن القلوب يقيس العمر ويقيم حياتنا ليس بمعيار ما حققنا من طموحات أو ثروات أو علاقات ونفوذ بقدر عمق ما أحببنا وصدق ما غفرنا وبحجم ما امتلأت قلوبنا شجاعة وفطنة - يعد المشاوير بمسافات ما نجول نصنع بسخاء غير محدود من إنصاف و بهجة ورحمة وجمال في كل زاوية مهملة ومنعطف جريح - كانت و مازالت حياة رفيق أيامي أغنية مرحة لم تكل أن تهب كل ما لديها ببساطة دونما أسف أو طمع، نغنيها الآن في افتخار فكان انتقاله للسماء بيقين مؤكد بلا شك أو ارتباك.. هو الرب خالق الإنسان عالم بضعفه هو أيضا عاضد له ..فلنثق أنه في هوة الضيق يشرق و يرفع جدا غير متروكين بل فى قلب المرارة يدعمنا ويجتاز بنا الأحزان الكثيرة مهما بلغت ضجة مشاعرنا وغضبنا ورفضنا أيضا يدرك طبيعتنا ويحترمها جدا ..!!