دورة جديدة من البعث


'ديوان الأهرام' يتحول إلى مجلة فصلية


التحدي الحقيقي للإصدار الصحفي الجديد أن يقدم التراث والوثائق والأرشيف برؤية تحليلية جديدة موضوعية ومعاصرة.

ميدل ايست اونلاين
كتب ـ أحمد فضل شبلول

أضافت مؤسسة الأهرام إصدارا فصليا جديدا إلى إصداراتها المتعددة، هو مجلة "ديوان الأهرام" التي صدرت مع مطلع العام الجديد برئاسة تحرير الكاتبة الصحفية بهية حلاوة.

وقال د. عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام إن المجلة الجديدة "ستكون شاهدة على عصور شهدتها الأهرام، فعبر 134 عاما جسدت الأهرام نوعا من التعايش مع تقلبات الزمن، إذ ولدت في القرن التاسع عشر، ولمعت في القرن العشرين، وترسخت كمؤسسة كبرى في القرن الحادي والعشرين، وخلال كل ذلك كانت شاهدة على نهاية إمبراطوريات وميلاد دول".

وأضاف "إن الأهرام ظلت كما وصفها عميد الأدب العربي د. طه حسين ديوان الحياة المعاصرة".

ويوضح سعيد في افتتاحية العدد الأول من "ديوان الأهرام" أن مشوار هذه المجلة بدأ منذ فترة طويلة كإصدار توثيقي داخلي، يصدر عن قسم المعلومات بالأهرام، كانت مهمته أن يعيد إلى الذاكرة أحداثا عاشتها الأهرام، والآن تخطو خطوة كبيرة نحو جمهور أوسع.

ويجمع العدد الأول ذو الـ 88 صفحة بين صور للملك فاروق، وصور للرئيس جمال عبدالناصر، والرئيس أنور السادات في مناسبات مختلفة.

وتعد بهية حلاوة رئيس التحرير ملفا مصورا عن قصر عابدين جوهرة القاهرة الذي أمر الرئيس مبارك بترميمه فاستعاد رونقه مرة أخرى، مرفقة صورة من الحجة الخاصة بالقصر 1876، وصورة لقاعة الاجتماعات التي شهدت في فبراير/شباط 1942 رفض الملك فاروق الإنذار البريطاني الذي طالبه بالتنازل عن العرش، وصورة صالون الخديوي الذي شهد عقود زواج أفراد الأسرة المالكة، وصورة ملونة لفاروق وناريمان رسمها خريستوس ديماتوس بالأقلام الخشبية، وغير ذلك من الصور.

ومن قصر عابدين إلى قصر رأس التين درة العاصمة الثانية، في عزف على وتر الحنين لأسرة محمد علي، تقوم المجلة بزيارة سريعة للقصر البحري الذي عاصر قيام تلك الأسرة وسقوطها.

ونترك أسرة محمد علي وقصورها الفخمة لنشاهد حريق القاهرة الذي شب في 26/1/1952 ويعد أبشع حدث تعرضت له العاصمة المصرية خلال القرن العشرين وأكثر صفحات تاريخها غموضا وأشدها تأثيرا في مجريات الأحداث، وقد ظل الحادث لغزا لا يدري أحد مَن وراءه على وجه اليقين؟ وبعد 58 عاما لا يزال التاريخ يسأل: من حرق القاهرة؟ الملك .. الإنجليز .. حكومة الوفد .. الغوغاء .. الجميع متهمون والفاعل مجهول.

ومن الشخصيات التي احتفت بها مجلة "ديوان الأهرام" الفريق أحمد شفيق وزير الطيران الذي يميل للتحدي واقتحام الصعاب، وماري منيب الكوميديانة التي ضلت الطريق إلى الرقص كما كتبت سهام عباس، وصورة أرشيفية وهي تتسلم وسام الفنون من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في عيد العم 1962. وزنوبيا المرأة العربية التي حلمت بعرش روما كما رأتها سحر فوزي. ود. مصطفى مشرفة عالم الذرة وعاشق الموسيقى الذي كتبت عنه أمينة يوسف، وهارون الرشيد الخليفة المفترى عليه بقلم أحمد عبدالستار، وسيد درويش عامل البناء وفنان الشعب كما رآه شريف الصباح.

ومن الأماكن التي احتفى بها العدد الأول من "ديوان الأهرام" الرفاعي مسجد الملوك والأمراء لشادية الصواف، وقهاوي القاهرة لهبة عبدالعزيز. وغير ذلك من الموضوعات والتحقيقات التي وردت في "ديوان الأهرام".

ونرى أن فترة ثلاثة شهور ـ وهو زمن تردد الصدور ـ على مجلة ثقافية تراثية وثائقية تصدر عن مؤسسة عريقة مثل "الأهرام" هي فترة طويلة نسبيا، في ظل عصر المعلوماتية وتداول المعلومات السريع.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ما أهمية إصدار مجلة جديدة تتحدث عن تراث المصريين ووثائقهم أو أرشيفهم كما أشار د. عبدالمنعم سعيد (من أرشيفنا وأرشيفهم) في ظل وجود مثل هذا التراث على مواقع متعددة على الشبكة العنكبوتية.

هنا يكمن التحدي الحقيقي للإصدار الصحفي الجديد، أن يقدم هذا التراث وتلك الوثائق، وذلك الأرشيف (سواء أرشيفنا أو أرشيفهم) برؤية تحليلية جديدة ومعاصرة، ومنظور موضوعي جديد للأحداث، فيأخذ الحدث التاريخي دورة جديدة من البعث والفهم وعمق التناول.

وأعتقد أن هذا ما يحاول بالفعل أن يقدمه الإصدار الجديد لمؤسسة الأهرام.